كيف أصبح أبآ ناجحآ؟
أبي العزيز في أغسطس 2017 |
الأب هو العمود الفقري لأسرته .. إذا فُقد تدمر هذا العمود!
رحل أبي (شحاتة أحمد شحاتة) عن عمر يناهز 67 عامآ في أكتوبر 2017. ترك تاريخآ ملئ بالتحديات المختلفة والمواقف الحياتية التي جعلت من شخصيته إنسانآ مبتكرآ.
نشأ شحاتة في قرية صغيره يطلق عليها (كفر الشيخ شحاتة) نسبةَ لأجداده. هذه القرية يكسوها اللون الأخضر ويعيش بها بعض طائفة قليلة من البشر (معظمهم لا يعرف القراءة ولا الكتابة) أعمالهم تدور حول تربية الحيوانات والحفاظ علي الأرض وإخراج محاصيل طبيعية لبيعها في الأسواق والإستفاده من ربحها. بات التحدي لدي معظم سكان هذه القرية بسيطآ: الحفاظ علي الأرض والنبات - هذا ما كان يحث عليه الآباء لأبنائهم، فالقوة لديهم لا تمثل شئ أكثر من ذلك.
علي الرغم من الصعوبات التي واجهت أبي في تعليمه - فقد كان هناك ضغوط عليه لترك التعليم والتركيز فقط في رعاية الأرض وذراعتها وجلب المحصول - إلا أنه رفض أن يستمر في هذه النشاطات وفضل إكمال تعليمه حتي الجامعي. فقد تخرج من كلية الزراعة وصار مصدر فخر كبير لأهله لإنه كان من الأشخاص المتعلمين القليلين جدآ في بلدته. صار علي نهجه كثير من الأشخاص من بعده وبدأ يؤمن أهل القرية أن التعليم هو مفتاح التمدن و التخلص من الجهل.
تحرك أبي مسرعآ إلي المدينة لكي يتلقي تعليمه الجامعي في الزراعة، فقد كان مُلهمآ بهذا المجال و ظل محتفظآ بكثير من المعلومات التي تعلمها في هذه الفترة حتي لحظة وفاته، فقد كنت أتعلم منه أشياء عن المحاصيل الزراعية و النباتات و العسل والكثير.
لماذا يُعتبر شحاتة نموذج عظيم لإنسان وأب مستثمر في الحياة؟
ألقي أبي إهتمام كبير بـ"العسل" - المنتج الذي لم يخلو بيتنا منه طوال العمر وكان يعتبره أبي علاج لأي شئ، و بدأ شراء خلايا نحل وإستمتع بتغذيته و منحه حياة لفترة طويلة و أيضآ الإستفاده من منتجه. كانت البداية هي عدد محدود من الخلايا التي إشتراها ثم وصل في بعض السنوات إلي أنتاج أطنان من العسل المميز والتجارة بها. لم يكن تاجرآ وحسب فقد إتصف بلمحات إنسانية حيث فضل ألا يغالي في أسعار الكيلو من العسل علي كل من يبيع له - كان يقول وهو يعلم جيدآ أن جودة العسل الذي ينتجه كانت المُفضله لدي من حوله
"لن أغالي في سعر الكيلو; رحمةًَ علي الفقير.."
تشرفت كثيرآ بإصطحاب أبي طوال العقدين الماضيين كأب وأقرب صديق لقلبي. كان أبآ منفتح ذهنيآ مُتقبلآ للأفكار المختلفة عنه. تداولنا الأحاديث والمناقشات الرائعة عن الحياة وعن العالم و أيضآ العلوم الطبيعية. وكانت لديه مهارة في إيجاد حلول بسيطة لأي مشكلة تواجهه، لكن ظلت أكبر مشكلة لم يستطع التغلب عليها هي التفكير الصامت اللامتناهي والمُرهق في أمور أبنائه.
هذا النموذج من الأباء التي منحت لأبنائها الحرية المتوازنة منذ الصغر و رعايتهم لدرجة التضحية المادية والمعنوية من أجل تعليمهم نادرآ جدآ وجوده في العالم الحديث الذي يسوده الرأسمالية والتي سلبت العواطف الإنسانية و شغلت الأباء عن رعاية أبناءهم وأسرتهم.
هناك دائمآ تحدي كبير جدآ في الإجابه علي سؤال: كيف أصبح أبآ ناجحآ؟
الصبر.. الحلم.. العزيمة.. الإنسانية.. الإبتكار هم مفاتيح تلخص شخصية أبي.